حوار مع النخبة - An Overview
Wiki Article
والحزم وخوض غمرات الحروب بجنان غير هيوب، فمن جادلني قطعته ومن نازعني قصمته،
محمد سليم العوا: آه خرج أحمد بن حنبل بعد وفاته في جنازة ظل الناس يصلون عليها من صلاة الظهر إلى ما بعد العشاء وقال المؤرخون إنه لم يبق قادرا على الخروج من مسلم أو ذمي، يعني مسيحي أو يهودي، إلا خرج ليشيع جنازة أحمد بن حنبل. وخرج منافسه أحمد بن أبي دراد في أربعة رجال، اللي شايلين النعش. فقصة النخبة الشعبية طبعا موجودة حتى الآن، وحضرتك تنظر مثلا إلى وفيات الكبار في زمننا هذا، في كبار جدا ماتوا فشيعهم وصلى عليهم عدد لا يتجاوز أصابع اليدين أو اليد الواحدة، وفي مغضوب عليهم من الحكومات ومن الأمم ومن الدول ومحاربين وربما كانوا في بعض الأوقات مسجونين ومضطهدين، خرج في جنازتهم مئات الآلاف حتى سدت الشوارع ومنعت الوفود القادمة للعزاء من الدخول، وهذه هي النخبة التي تصنعها الشعوب وتختارها الشعوب.
ولهذا صرخ ونوس: "إننا.. نحن المثقفين، سلطة شاغلها الأساسي أن تصبح سلطة فعلية ...إننا قفا النظام... يا للخيبة، وياللحزن".
محمد سليم العوا: المواصفات التاريخية. لما كان الحكم العباسي بيقاتل علماء أهل السنة على مسألة خلق القرآن، الإمام أحمد لما سألوه الناس دول في نعيم وفي عز وإذا خرج فلان في موكبه خرج معه عشرات الرجال يركبون ويمشون توديعا له واستقبالا له، فقال لا تنظروا إلى هذا ولكن انظروا إلى الذي بيننا وبينهم، قام قالوا له إيه الذي بيننا وبينهم؟ قال بيننا وبينهم الجنائز، لأن الجنائز ما حدش بيجي لها بالعافية يعني.
محمد سليم العوا: توفي في الرياض ودفن في المدينة المنورة، وقبره بالمناسبة في المدينة بجوار قبر الإمام مالك بن أنس، سبحان الله. فلما عملنا تأبينه بعد أربعين يوما من وفاته عملنا حفلة تأبين في جمعية الشبان المسلمين، الجمعية دورين يعني لم يكن في الدورين موضع لقدم وفيها ساحة ملعب الكرة الطائرة وكرة السلة، الساحة لم يكن فيها موضع لقدم ومنع وقوف السيارات في الشارع والمشي فيه لكثرة الناس، فدول العلماء دول الذين "بيننا وبينهم الجنائز".
ان الدرس الوحيد الذي يجب على الاحزاب الديموقراطية ان تستوعبه حيال معاملة الناس الحريصين على مثل تلك المصطلحات هو: انه ينبغي عليهم ان يتوقفوا عن الممشى خفية في الجوار مع هؤلاء “المواطنين المهتمين” و يطردونهم باقتضاب بصفتهم ارض خصبة لفاشية جديدة. بدل من ذلك، نشهد مرارا وتكرارا الطقس الكوميدي الذي تتم ممارسته بشكل جيد في الجمهورية الفيدرالية القديمة لتحقيق التوازن الإجباري: ككل مرة عندما لا يمكن تجنب الحديث عن تطرف الجناح الايمن، يشعر السياسيون انهم مضطرين إلى الاشارة بسرعة إلى تطرف الجناح الايسر المطابق كما لو كانوا مضطرين إلى الهروب من الاحراج.
وبإبعاد تلك الكتلة الاجتماعية وإحلال أخرى، ثبت بالدليل أن الكتلة الجديدة لا تملك العمق الاجتماعي الذي يمكنها من حسن إدارة البلاد، مما رتب نتائج كارثية، منها:
محمد سليم العوا: فاضية من القش والله يا أخ أحمد، وأنت تجلس معهم فتجد زي ما تفضلت صراخ وعويل وصوت عال ثم تبحث عن معنى فلا تجده، ولا شك أنك مررت بهذه التجربة، تحاول أن تستمع إلى محمد العوا فتستمع إليه مدة نصف ساعة ثم عندما يغلق المذياع أو التلفزيون تقول ماذا أفدت من هذه النصف ساعة؟ فلا تستطيع أن تجد كلمة واحدة أفدتها!
إذ يُعدُّ هذا النمط من أكثرهم تحمساً للثورة ومشاركةَ فيها.
وفيما عدا هاتين الكتلتين تحاول بقية النخب الأخري أن تجد لها موطئ قدم في المشهد المهترئ ولكنها واقعة بين مطرقة إقصاء كتلة الحرية والتغيير وسندان عدم الطمأنينة من مواقف المجلس السيادي الذي يساندونه ..
ومنذ اندلاع الحرب تقف النخبة السودانية بجميع توجهاتها عاجزةً عن طرح مشروع وطني جادّ، وهو عجز ليس وليد اللحظة الراهنة، بل نتيجة مسيرة طويلة من التآكل الداخلي والإنهاك الخارجي، لازمتها منذ بواكير نشاطها، وسيطرت على عصب تفكيرِها، وفي تقديري هناك سببان رئيسيان لهذه الحالة: أحدهما داخلي يتعلق بتركيبة هذه النخبة وإخفاقاتها المتواصلة، والثاني خارجي مرده الاستهداف المنظم الذي تعرضت له البلاد لفترة طويلة.
هذه الحالات تمثل الصعيد المعنوي للظاهرة أما الظاهرة على صعيدها اتبع الرابط المادي فتتمثل في بعض المنتفعين من وراء التعامل مع إسرائيل بالكسب المادي السريع وتحقيق الربح في القيام باتفاقيات السويس تحقيقا للربح مما أضر بصناعة المنسوجات والملابس الجاهزة في مصر كما قام البعض بتصدير حديد التسليح والأسمنت المصري إلى إسرائيل. وقد راعني يا أخ أحمد إحصاء للبنك الدولي صدر مؤخرا ومفاده أن إسرائيل تعد تاسع أكبر دولة يهاجر إليها المصريون قبل اليونان التي احتلت المركز العاشر وذلك لدلالة هذا في موضوع النخب وتقصير النخب في الأمة بأسرها..
مسؤول بمجلس الدوما لـ"بلا حدود": واشنطن تريد صنع "صندوق من المتفجرات" بالقرب من روسيا
وفيما عدا هاتين الكتلتين، تحاول بقية النخب أن تجد موطئ قدم في المشهد المتداعي، ولكنها واقعة بين مطرقة إقصاء كتلة "الحرية والتغيير"، وسندان عدم الطمأنينة من مواقف "المجلس السيادي" التي تسانده.